روائع مختارة | واحة الأسرة | فقه الأسرة | أهمية الموازنة بين تحقيق العبودية.. والسعي في طلب الرزق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > فقه الأسرة > أهمية الموازنة بين تحقيق العبودية.. والسعي في طلب الرزق


  أهمية الموازنة بين تحقيق العبودية.. والسعي في طلب الرزق
     عدد مرات المشاهدة: 1626        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال..هل يجوز ترك العمل من أجل الصلاة؟ فمثلًا: شخص ذو عمل وانشغل بعمله فإنه يأتي وقت الصلاة وهو لا يستطيع الخشوع فيها فيبدأ بالتفكير في العمل.

لكنه إذا تفرغ للصلاة والذكر يكون خاشعًا مما يشعره بزيادة الإيمان وقربه من الله، فهل يجوز له ترك العمل أو تقليل ساعاته جدًا بحيث يجد قوت يومه وذلك من أجل أن يستطيع الصلاة بسكينة حيث يكون القلب خاليًا مما يشغله؟ وهل يؤجر الإنسان على هذا؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:


فالمؤمن مأمور بتحقيق الموازنة بين وظائف الحياة بحيث لا يطغى جانب منها على آخر، فهو يكدح ويعمل لتحصيل قوته وإعفاف نفسه ومن تلزمه نفقته عن المسألة، ولكن عمله هذا لا يلهيه عن أداء العبادات على وجهها، وقد مدح الله تعالى هذا الصنف من الناس فقال: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {النور:37}.

قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى لا تَشْغَلُهُمُ الدُّنْيَا وَزُخْرُفُهَا وَزِينَتُهَا وملاذ بيعها وربحها عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمُ الَّذِي هُوَ خَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ، وَالَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ وَأَنْفَعُ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ، لِأَنَّ مَا عِنْدَهُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلِهَذَا قَالَ تعالى:

لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ ـ أَيْ يُقَدِّمُونَ طَاعَتَهُ وَمُرَادَهُ وَمَحَبَّتَهُ عَلَى مُرَادِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ قَالَ هشيم عن شيبان قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى قوما من أهل السوق حيث نودي للصلاة المكتوبة تَرَكُوا بِيَاعَاتِهِمْ وَنَهَضُوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بن مسعود:

هَؤُلَاءِ مِنَ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ الآية، وَهَكَذَا رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْقَهْرَمَانِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ كَانَ فِي السُّوقِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَغْلَقُوا حَوَانِيتَهُمْ وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فِيهِمْ نَزَلَتْ: رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ـ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ.

وقال عمرو بن دينار الْأَعْوَرُ: كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَمَرَرْنَا بِسُوقِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ وخَمَّرُوا مَتَاعَهُمْ، فَنَظَرَ سَالِمٌ إِلَى أَمْتِعَتِهِمْ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ، فَتَلَا سَالِمٌ هَذِهِ الْآيَةَ: رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ـ ثُمَّ قَالَ، هُمْ هَؤُلَاءِ.

وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكُ: لَا تُلْهِيهِمُ التِّجَارَةُ وَالْبَيْعُ أَنْ يَأْتُوا الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ وَلَكِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ وَمِيزَانُهُ فِي يَدِهِ خَفَضَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى الصَّلَاةِ. انتهى.

فهذا هو هدي سلفنا الطيب ـ رضوان الله عليهم ـ فهم لم يتركوا أعمالهم ولا أعرضوا عن السعي في طلب الرزق وإنما وازنوا بين الوظائف المختلفة فلم تكن إحدى الوظائف مانعة من فعل الأخرى، فننصحك بأن تسلك هذا النهج وتقفو هذا الأثر فتسدد وتقارب، وإن قللت من ساعات العمل بحيث تكون أفرغ للعبادة على ألا يكون ذلك مضرا بك.

وبمن تلزمك نفقته فهذا حسن، واعلم أنك متعبد لله تعالى بسعيك في إعفاف نفسك عن المسألة وكفاية من تلزمك نفقته، واحرص على تحصيل الخشوع في الصلاة إذا أقبلت عليها فتجاهد نفسك على ترك الفكر في الدنيا وشواغلها وتحضر قلبك وتتدبر ما تتلو من الآيات والأذكار نسأل الله أن يرزقنا وإياك الخشوع والإخلاص في القول والعمل.

والله أعلم.

المصدر: موقع إسلام ويب